الحمدلله والصلاة والسلام على ما لا نبي بعده
خطبة جمعة قصيرة عن الصبر
الدنيا هذي معروف أحولها المؤمن ليس له إلا الصبر فهو الدواء الناجع وهذا سر الإكثار من ذكر الصبر في القرآن الكريم حيث ذكر أكثر من 100 مرة ( يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَعينُوا بالصَّبر وَالصَّلَاة إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابرينَ ) إن من يعرف الصبر بأنواعه الثلاثة ويمارسوها على المنهج الشرعي فهو بلا شك من الفائزين والناجين.
- صبر على طاعة الله
- صبر على محارم الله
- صبر على أقدار الله
قال الحسن البصري رحمة الله (جَرَّبَنَا و جَرَّبَ الْمُجَرِّبُونَ، فَلَمْ نرَ شَيْئًا أَنُفِعَ وِجْدَانًا، و لَا أَضَرُّ فَقُدَّانَا مَنِ الصَّبِرَ ؛ بِهِ تُدَاوَى الْأُمُورُ، وَلَا يُدَاوَى هُوَ بِغَيْرُهُ ), وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم (وَمَا أُعطيَ أَحَدٌ عَطَاء خَيرا وَأَوسَعَ من الصَّبر ) ويقول عمر الفاروق رضي الله عنه (وَجَدنَا خَيرَ عَيشنَا بالصَّبر ).
لا يوجد إنسان في هذا الدنيا إلا ويبتلى بالمصائب قال الله تعالى ( وَلَنَبلُوَنَّكُم بشَيء منَ الخَوف وَالجُوع وَنَقص منَ الأَموَال وَالأَنفُس وَالثَّمَرَات وَبَشّر الصَّابرينَ * الَّذينَ إذَا أَصَابَتهُم مُصيبَةٌ قَالُوا إنَّا للَّه وَإنَّا إلَيه رَاجعُونَ * أُولَئكَ عَلَيهم صَلَوَاتٌ من رَبّهم وَرَحمَةٌ وَأُولَئكَ هُمُ المُهتَدُونَ ) الصبر على المصائب نوع من أنواع الصبر الثالثة كلنا بحاجة إلية فأخي المسلم يا ترى هل تملك هذا العلاج لو ابتلاك الله بمصيبة في نفسك أو اهلك أو ولدك أو مالك أو عزيز لديك, لا شك.
أيها الإخوة المؤمنون أن هناك وسائل كثيرة توصل المسلم إلى بر النجاة, إلى أن يكون متصف بهذا الصفة المباركة, ومن أعظم هذا الوسائل أن يهيئ المسلم نفسه للمصائب قبل وقوعها, وأن يدرب نفسه قبل حدوث شيء منها, الصبر مقام عزيز مقام نفيس وكل أمر هذا شئنه فهو بحاجة إلى تدريب وإعداد, فعلى المسلم دائما أن يتذكر إن كل شيء محتمل, ولا شك إن من أعظم المصائب مصيبة الموت, فعلى المسلم أن يتذكر زوال الدنيا, وهو لا يدري متى ينتهي اجله.
أيها الإخوة المؤمنون إن توطين النفس على المصائب, لا يجوز أن يتجاوز إلى حد الوسوسة, ففرق بين توطين النفس من أجل أن يوفق العبد للصبر والثبات, وبين أن يحول المرء حياته كوابيس وشكوك ووسوسة, فتره كثير القلق والهلع والتشاؤم, إذا تأخر أحد قال مباشرة ( لا بد أن يكون قد وقع حادث ) وإذا اشتكى أي وجع قال ( لا بد أن هذا هو المرض الفلاني ) هذا الفعل مخالف للذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم, ولكن أن يكون الإنسان مقيم على طاعة الله, مرتبط به ليثبته الله عند الشداد والمصائب.
ومما يعين على الصبر حين المصائب, أن يؤمن المسلم إيمان شرعي صحيح بالقضاء والقدر, إنه الركن السادس من أركان الإيمان, قال تعالى (مَا أَصَابَ من مُّصيبَة في الأَرض وَلَا في أَنفُسكُم إلَّا في كتَاب مّن قَبل أَن نَّبرَأَهَا إنَّ ذَٰلكَ عَلَى اللَّه يَسيرٌ (22) لّكَيلَا تَأسَوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُم وَلَا تَفرَحُوا بمَا آتَاكُم وَاللَّهُ لَا يُحبُّ كُلَّ مُختَال فَخُور ) وقال الله تعالى (إنَّا كُلَّ شَيء خَلَقنَاهُ بقَدَر ) كل شيء في هذا الكون يسير بقدر الله , علمه الله قبل حدوثه وكتبة وقدره وخلقة, فالله هو العليم الحكيم, ولذلك فإن المؤمنين هم أقل الناس ثاثراً بالمصائب, كلما زاد إيمان العبد زادت قوته عن المصائب, والناس يقولون( من عرف الله هانت مصيبته ).
فإذا كان الأمر قضه الله وأذن به ورضيه, فلماذا لا يرضى المسلم بما رضي الله له, تأمل ياخي المسلم في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم, لعبد الله ابن عباس رضي الله عنهما حين قال له (واعلم أنّ الأُمّة لو اجتمعت على أن ينفعُوك بشيء لم ينفعُوك إلّا بشيء قد كتبهُ اللّهُ لك ولو اجتمعُوا على أن يضُرُّوك بشيء لم يضُرُّوك إلّا بشيء قد كتبهُ اللّهُ عليك رُفعت الأقلامُ وجفّت الصُّحُفُ ).
ومع إيمانك أيها المسلم بالقدر, لا بد أن تقرن ذلك بتذكر سعة رحمه الله, إن الله الذي يقدر هذا المصائب هو الذي قال (ورحمتي وسعت كُلّ شيء ) وهو الرحمن الرحيم تتلوها كثيراً في يومك وليلتك في الصلاة, ظن بالله خيراً بكل أحوالك (وعسىٰ أن تكرهُوا شيئا وهُو خيرٌ لّكُم وعسىٰ أن تُحبُّوا شيئا وهُو شرٌّ لّكُم واللّهُ يعلمُ وأنتُم لا تعلمُون ) نعم ظن بالله خيرا ً لان الله عز وجل في الحديث القدسي (أَنَا عِنْدَ ظَنّ عَبْدِيٍّ بِي فَلَيَظُنُّ بِي مَا شَاءَ ) وقال صلى الله عليه وسلم (عَجِبَا لِلْمُؤْمِنِ لَا يُقَضِّيَ اللَّهُ لَهُ شَيِّئَا إلا كَانَ خَيْرَا لَهُ ).
أخي المسلم, تأمل في النعم التي أسدها الله لك, وأهمها وأعظمها نعم الإسلام نعمه السنة نعمه التوحيد, في القصص القرآني عبراً ومواعظ لما قتل الخضر الغلام الذي لقيا مع موسى عليه السلام, أنكر موسى عليه السلام ذلك الأمر وكان الخضر قد أوصه بالصبر وعدم السؤال حتى يخبره هو بالحكمة, فتعجب موسى وتعجب, وتعجبه في محله غلام صغير لماذا يقتل.؟ قال الله تعالى (فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إذَا لَقيَا غُلَاما فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلتَ نَفسا زَكيَّة بغَير نَفس لَّقَد جئتَ شَيئا نُّكرا ) فأخبره الخضر بعد ذلك عن الحكمة الإلهية فقال (وَأَمَّا الغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنَين فَخَشينَا أَن يُرهقَهُمَا طُغيَانا وَكُفرا (80) فَأَرَدنَا أَن يُبدلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيرا مّنهُ زَكَاة وَأَقرَبَ رُحما ) من من المسلمين إذا أصابته مصيبة قال في نفسه ( لعل الله قد صرف عني بهذا المصيبة ما هو اشد وأعظم ).
خطب قصيرة ذات صلة:
اعمل متابعة ومشاركة ليصلكم جديدنا
ليست هناك تعليقات